الخميس، 7 أكتوبر 2010

الإرهاب في اليمن وإخراج جهاز "الأمن السياسي" من المعادلة



 محمد عايش

مرة أخرى يثبت الإرهاب ما هو مفروغ منه: قدرته على الضرب في المكان والزمان اللذين يحددهما هو وبأريحية كاملة. عملية الأربعاء التي استهدفت سيارة البريطانيين، عملية مكررة لدرجة التطابق مع العملية التي استهدفت، في نفس الموقع قبل 6 أشهر، موكب السفير البريطاني، ما يعني أن عناصر القاعدة يحاربون في ملعب خالٍ من الأعداء، إنهم متحررون من أي ضغط أمني بعكس ما يذهب إليه الناطق الإعلامي لوزارة الداخلية وبيانات اللجنة الأمنية.
تنفيذ عملية ثانية خلال مدة زمنية قصيرة ضد الهدف نفسه وفي نفس مسرح الجريمة؛ مغامرة كبرى ما كان للقاعدة الإقدام عليها لولا ثقتها في أن الأجهزة الأمنية غائبة عن



 المعركة أصلا.

حواجز الخرسان والمزيد من حواجز الخرسان، هي كل الإجراءات المرئية التي اتخذتها الحكومة ضد الإرهاب، عدا ذلك فإن مختلف الأجهزة الأمنية تبدو فاقدة فعاليتها أمام القاعدة التي تستمد قوتها فقط من هشاشة هذه الأجهزة.

جهاز الأمن السياسي (المعني الرئيسي بملفات الإرهاب) أخرجته القاعدة كليا من المعادلة، فهو منذ أشهر يحافظ، بالكاد، على موقعه الدفاعي أمام سيل الضربات التي توجه إليه؛ مستهدفة ضباطه وجنوده ومقراته في مختلف المحافظات. إن اللواء غالب القمش الآن في موقع المطلوب وليس الطالب، وآخر العمليات ضد جهازه طالت الضباط والجنود العشرة في العاصمة الأسبوع قبل الماضي.

جهاز الأمن القومي لا يزال يتمرن، ويعتمد لوجستيا في موضوع الإرهاب على الأمن السياسي، ونجاحاته في هذا السياق تكاد تكون صفرا.

القوات الخاصة بمكافحة الإرهاب مهمتها كما يبدو "عدم القيام بأية مهمة"، ليس قبل أن يفي الأمريكيون بوعودهم ودفعهم "البيس" المطلوبة لدعم هذه القوات (طبقا لإشارة مجلة السياسة الخارجية الأمريكية)، ولا بأس في إمضاء فائض وقت هذه القوات في افتعال معارك صاخبة، بدوافع سياسية، مع 8 مشتبهين في الحوطة تمكنوا، نهاية الأمر، من الفرار.

طوال سنوات الحرب على الإرهاب؛ لم تضع الحكومة أية استراتيجية لمجابهة القاعدة، إنها عاجزة عن وضع هذه الاستراتيجية للأسباب المألوفة: فساد الأجهزة الأمنية، الاختراقات الكثيفة من قبل المتطرفين والسلفية التكفيرية لأجهزة الأمن والمخابرات، والأهم: الخوف الحقيقي لدى الرئيس علي عبدالله صالح من الوصول في المواجهة مع المتطرفين إلى نقطة "اللاعودة" مع عدم ثقته في الانتصار عليهم في النهاية، وشكوكه أيضا في استمرار الدعم الغربي لمعركته معهم، إنه لكل هذا يبقي على "شعرة معاوية" مع القوم تفاديا لكل احتمال سيئ.

والحال نفسه ربما لدى الطرف الآخر: حيث ما يمنع القاعدة من تنفيذ مزيد من العمليات داخل العاصمة، مثلا، هو كونها فقط لا تريد للمواجهة مع نظام صالح أن تصل إلى نقطة "اللاعودة"، وإلا فالساحة مفتوحة بمصراعيها لأية عملية مهما كانت مكررة لدرجة الملل.
.........
* نشر في صحيفة "الشارع"

ليست هناك تعليقات: