الاثنين، 10 مارس 2008

جانب من الاقتصاد السري للفساد



* محمد عايش
غير تدميره موارد البلاد الذاتية، فإن الفساد الحكومي يطال القروض والمنح الخارجية ويحولها إلى جزء من موارده، وإن تكن هذه حقيقة معروفة للجميع، فإن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تطوع، أخيرا، بتقديم بعض معلومات تفصيلية عنها.
في تقريره المقدم إلى مجلس الشورى، عن دراسته للحسابات الختامية للقطاع الاقتصادي المملوك للدولة، قال الجهاز إن أعدادا من القروض لم يتم استخدامها ولم تنفذ المشاريع الممولة بها رغم مرور المدد الزمنية المحددة للتنفيذ.
على استحياء ساق الجهاز أمثلة، للتدليل لا الحصر:
قرض الصندوق العربي للإنماء الممول لمشروع خطوط النقل: مأرب- صنعاء، بمبلغ 102.739.726 دولار. وقعت اتفاقية القرض في يناير 2003 وأصبحت نافذة في ديسمبر نقس العام، وفيما حددت فترة إنجاز المشروع بـ 4 سنوات، فإنه، حتى نهاية 2005 (تاريخ دراسة الجهاز المركزي) كانت قد مرت نصف هذه الفترة ولم يبدأ إنجاز المشروع أو 


السحب من القرض لصالحه.
الصندوق السعودي قدم قرضا لتمويل مشروع كهرباء مأرب الغازية بمبلغ 50 مليون دولار. وقعت الاتفاقية في نوفمبر 2001 وأصبحت نافذة في أغسطس 2002، وقد انتهت المدة المحددة لإنجاز المشروع (3 سنوات) ولم يتم إنجازه.
10 ملايين دولار قدمها البنك الإسلامي للتنمية قرضا لمشروع البنية الأساسية لمياه الحديدية، 4 ملايين فقط تم استخدامها من القرض، ولم ينجز المشروع.
مشروع تطوير مطار صنعاء الدولية الممول بقرض من الصندوق العربي للإنماء يبلغ 96 مليون دولار، مضت ثلاثة أرباع فترة التنفيذ دون تنفيذ، ولم يستخدم من هذا القرض لصالح المشروع غير 6.4% فقط.
الجهاز المركزي مهذب جدا، إنه، على الإطلاق، لا يستخدم مفردة "الفساد" في أي من تقاريره، وحتى التقارير التي ترصد اختفاء مليارات من المال العالم، يستعمل فيها لازمة واحدة: "تجاوزات ومخالفات"، وفي ما يتعلق تدمير هذه القروض فإنه يكتفي بالقول إن سبب عدم تنفيذ المشاريع هو اعتمادها قبل استكمال تصاميمها أو عدم الدقة في التخطيط لها.
الخسارة لا تتوقف عند ضياع القروض وموت مشاريع تنموية، هناك أيضا حكاية الفوائد، حيث على الخزينة العامة أن تتحمل فوائد القروض الضائعة والتي تصل إلى ملايين الدولارات، وفقا لتقرير الجهاز فإن القرض الخاص بمشروع مياه الحديدة (10 ملايين دولار) سددت فوائد عنه حتى نهاية 2005 بمبلغ يزيد قليلا على 600 ألف دولار، ويؤكد التقرير أن هذه الفوائد ستنمو، مستقبلا، وتتضاعف أعباؤها بشكل كبير.
أما أين يتم استخدام هذه القروض طالما لم تنفق على مشاريعها، فإن جهاز الرقابة لا يبدو معنيا بالإجابة ، والحل أن نستنتج نحن وفقا لما نعرفه، عموما، عن مصائر المال العام.

ليست هناك تعليقات: