الأحد، 11 يوليو 2010

الغاز اليمني..بيعة سارق


*محمد عايش

الآن يتحدث الجميع، بمن فيهم الآباء المؤسسون للفساد ودولته، عن "كارثة" بيع الغاز اليمني بالمجان، ولكن فقط بعد أن وجه الرئيس علي عبد الله صالح بإعادة النظر في اتفاقية البيع الموقعة مع الشركة الكورية، وقبل ذلك كانت الأصوات المنددة بالاتفاق عند لحظة توقيعه قد ضاعت في زحمة التطبيل والتهليل له كإنجاز آخر من إنجازات ولي الله الصالح.
تقضي الاتفاقية ببيع المليون وحدة حرارية للكوريين بسعر حوالي 3 دولارات لمدة 20 عاما بينما السعر العالمي



 الراهن للمليون وحدة هو 12 دولارا، أي أن الحكومة تبيع هذه الثروة بحوالي 25 بالمائة فقط من سعرها الدولي.
مثل هذه الجريمة تكفي للإطاحة بحكومات ودول، لولا أن العادة لدينا درجت، مؤخرا، على غسل خطايا الحكومة بندوة "تنفيس" يستضيفها منتدى الشيخ الأحمر، أو بدلو من اللعنات يقذفه النائب صخر الوجيه هنا أو هناك ثم لا شيء يحدث.
من المسئول عن هذه الاتفاقية؟ هل هو ذكاء الكوريين أم فساد كبار مسئولي حكومة الرئيس صالح؟ نعرف، فيما نعرفه، أن مجلس النواب اشترط عرض الاتفاق عليه مرة أخرى قبل إبرامه و بعد استيفاء الحكومة لكافة الشروط التي طلبها المجلس، لكن رئيس الوزراء حينها، عبد القادر باجمال، تجاوز هذه التوصية معتبرا أن مرجعيته وحده كرئيس للحكومة تكفي للبت في الأمر.
صفقة بهذا الحجم، تتعلق بواحدة من أهم الثروات الواعدة في بلد مطحون بالفقر، تم حسمها من قبل شلة مسنودة إلى ظهر الرئيس وبمعزل عن أي رقابة أو إشراف من الجهات المخولة دستوريا. وفي الواقع فإن ما تم بيعه مجانا هنا هو البلد والسيادة، إذ ما الذي يتبقى من الوطن حين تتحول ثرواته إلى سلع تباع كما تباع الأغراض المسروقة؟.
من المستحيل تقديم مسئول واحد عن هذه الكارثة إلى العدالة، ولا أقل والحال هذه من أن يطالب المواطنون بحقهم في معرفة حجم العمولات التي ستعود على لصوصنا المحترمين جدا جراء هذه الصفقة، ولا ضير في هذه الشفافية إذ لا أحد سيحاسب أحدا، خصوصا والإعلام الرسمي بدأ يتعامل مع الحكاية وكأن "العدو الكوري" هو من فعل هذه الفعلة.

ليست هناك تعليقات: