الثلاثاء، 27 يوليو 2010

غياب التصورات لما بعد الحرب في صعدة يبقي الباب مفتوحا لحروب قادمة


غمدان اليوسفي "إيلاف":
قرابة خمسة أشهر وعشرة أيام مرت على توقف الحرب السادسة بين الحوثيين والجيش اليمني بعد فترة دامت حوالى ستة أشهر من المواجهات، حيث عاد الحوثيون هذه المرة بقوة واستولوا على موقعي اللبداء والزعلاء العسكريين شمال العاصمة صنعاء وأسروا عدداً كبيراً من الجنود كانوا يتمركزون في الموقعين وذلك بعد أقل من أسبوع على زيارة أمير قطر العاجلة إلى اليمن والتي أعلن من خلالها تفعيل اتفاق الدوحة بنقاطه الست.


قبل أسبوع اشتعل الموقف مجددا في منطقة حرف سفيان ودارت معارك طاحنة خلفت عشرات القتلى خصوصا يوم أمس وتكبدت فيها الحكومة خسائر فادحة بينها أسر عدد كبير من الجنود يتجاوز عددهم المائة.
وتأتي المواجهات الجديدة بعد أقل من أسبوع على زيارة أمير قطر العاجلة إلى اليمن والتي أعلن من خلالها تفعيل اتفاق الدوحة بنقاطه الست وظهرت بعد ذلك تباينات في الآراء بين القطريين واليمنيين حول النقطة السادسة الخاصة بإلزام الحوثيين بعدم الاعتداء على الأراضي السعودية حيث تنفي قطر إدراج هذه النقطة.
الحوثيون عادوا هذه المرة بقوة واستولوا على موقعي اللبداء والزعلاء العسكريين في حرف سفيان في محافظة عمران شمال العاصمة صنعاء وأسروا عدداً كبيراً من الجنود كانوا يتمركزون في الموقعين.
المعارك في الأساس تدور بين الحوثيين والقبائل الموالية للدولة يقودها النائب البرلماني صغير عزيز الذي أصيب في المواجهات الجديدة مع نجله ونقل بمروحية عسكرية يوم أمس إلى صنعاء في حين تم تفجير منزله مساء أمس.
قرابة الـ 30 قتيلا راحوا ضحية مواجهات يوم واحد من المواجهات بين القبائل والحوثيين استخدمت فيها الدبابات من قبل الحوثيين في حين يرى الناطق باسمهم محمد عبدالسلام إن استيلاءهم على المواقع الجديدة هي بمثابة تطهير لها من تجار الحروب.

الحكومة تعترف

ولأول مرة تجد الحكومة اليمنية نفسها مضطرة للاعتراف حيث طالب رئيس الوزراء علي محمد مجور مجلس النواب أمس باتخاذ موقف قوى وإدانة ما يجري في محافظة عمران كاشفا عن قيام الحوثيين بالسيطرة على مواقع عسكرية والاستيلاء على معداتها وأسر جنود.
وتشهد المنطقة اليوم هدوءا نسبيا بعد أن نقل النائب بن عزيز إلى صنعاء وهو أحد أطراف النزاع في المواجهات الأخيرة ويتوقع أن يستمر الهدوء خلال الفترة القادمة في انتظار حل جديد لمثل هذه المستجدات.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يوقع فيه المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة الممثلة في البرلمان على محضر تبادل أسماء ممثلي الطرفين في اللجنة المشتركة للإعداد والتهيئة للحوار الوطني والتي ستتكون من مائتي عضو بواقع مائة عضو لكل طرف.
ويأتي التوقيع تنفيذاً للمحضر المشترك لتنفيذ إتفاق فبراير العام الماضي، والمتعلق بتشكيل لجنة للتهيئة والإعداد للحوار الوطني الشامل والذي وقع يوم السبت 17 يوليو 2010م بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك الممثلة في مجلس النواب وذلك برعاية الرئيس اليمني علي عبدالله صالح.

كل هذه الإشكالات تأتي في ظل غموض يسود المواقف السياسية وانتشار للظواهر الأمنية المعقدة حيث شهدت اليمن أمس أعنف أيامها، وذلك من خلال انتشار الأحداث الأمنية في كل من محافظة شبوة والضالع وصنعاء وعمران إضافة إلى أحداث جديدة اليوم في محافظة لحج سقط فيها عدد من الجنود.

لا تصورات لما بعد الحرب
ويقول الكاتب والمحلل السياسي محمد عايش لـ إيلاف إن "عودة المواجهات في صعدة كانت متوقعة بأي شكل والسبب هو غياب أي تصور من الحكومة لإدارة ما بعد الحرب، فالحرب لايكفي أن تتوقف بقرار لإيقاف إطلاق النار".
وأضاف: "الحرب خلقت وضعا معقدا في صعدة وجدت الحكومة نفسها أمامه بعد عجزها العسكري وجدت نفسها عاجزة سياسيا عن إدارة المواجهة في السلم مع الحوثيين لاحتواء ظاهرتهم ونفوذهم المتزايد في صعدة، وعاجزة أيضا ماليا عن إعادة الإعمار المكلفة، وإدارة الشأن التنموي وإعادة النازحين وغيرها من التحديات".
ويشير إلى أن "غياب هذا التصور لما ينبغي أن تكون عليه الأوضاع في صعدة بعد توقف الحرب نهائيا، هو الذي يجعل من عودة هذه المواجهات ممكنة وبطرق مختلفة، وآخر هذه الأحداث ما رأيناه في سفيان من حرب تخوضها القبائل بالنيابة عن الجيش مع الحوثيين".
ويعتقد محمد عايش إن "غياب أي تصور للحكومة بعد إيقاف الحرب في صعدة هو ينعكس في شكل مصلحة للحوثيين، لأن الحوثيين يجدون أنفسهم القوة الوحيدة، والنافذة هناك بل والمجتمع يجدهم كذلك أيضا، فهم التعبير الوحيد عن السلطة في صعدة وأجزاء من محافظة عمران، في ظل الغياب والعجز عن إثبات وجود الدولة في هذه المناطق..
وقال: "الأهم هنا ما يصدر عن الحكومة التي هي صاحبة المبادرة والتأثير الحقيقي، الحكومة تعترف بكل سهولة إن الميليشيات القبلية التي تقاتل الحوثيين هي جماعات موالية للدولة، هذا يعني أن الدولة انسحبت بما تمثله من مشروعية لصالح القبيلة لتقوم بدورها نيابة عنها أما الحوثيون فهم جماعة في النهاية لايمثلون شرعية، المشكلة في من يملك الشرعية ويتنازل عنها".

اتفاقية الدوحة انتهت

ويعتقد الكاتب عايش إن اتفاقية الدوحة تم التراجع عنها ضمنا، مشيرا إلى أن الرئيس علي عبدالله صالح يدعو الحوثيين قبل 4 أيام إلى تنفيذ النقاط الست وآليات اللجنة الوطنية ولأول مرة يقول رئيس اللجنة الوطنية، وهي اللجنة التي نفذت وقف إطلاق النار، وهذه النقاط هي التي تم بموجبها إيقاف الحرب الأخيرة، بينما اتفاق الدوحة هو اتفاق النقاط الخمس، بمعنى أن عودة الحديث عن النقاط الست يعني أن اتفاق الدوحة لم يعد هو المرجعية.
وتابع: "يبدو أن زيارة أمير قطر كانت طفرة ويبدو أن هناك خلافا يدور بين الجانبين حيث خرج وزير الخارجية القطري صرح أن ليس لهم علاقة بالبند السادس الذي تحدث عنه الرئيس صالح وهو البند الخاص بالتزام الحوثيين بعدم الاعتداء على الأراضي السعودية".
ويرى عايش إن الحكومة اليمنية أرادت توصيل رسالة إلى السعودية من خلال دعوتها قطر للعودة ولعب دور في صعدة، ويبدو أن الرسالة وصلت وبالتالي أيضا فقدت الحكومة حماسها أيضا والقطريون لم يكونوا على هذا القدر من الحماس لكن ربما مع هذه الأحداث الأخيرة وتمكن الحوثيين من السيطرة على مواقع عسكرية ربما تجد الحكومة نفسها مضطرة للبحث عن تنفيذ اتفاق الدوحة بشكل جاد.

السعودية لن تشارك

ويعتقد الكاتب محمد عايش أن السعودية "لن تشارك بالحرب مجددا على الإطلاق وهذا أمر شبه محسوم، معتبرا أن السعودية تعاملت مع عملياتها العسكرية في الحرب السادسة على أنها كانت ورطة كانت في غنى عنها، وليس هناك شيء يقول إن السعودية ستشارك في الحرب لأن السعودية إلى الآن، خلال الست السنوات الأخيرة رأت أن حربا في جنوبها ليست في مصلحتها أيا كانت مبررات هذه الحرب، ولذلك بعد دخولها في الحرب السادسة على خط النار لم تبادر بشكل سريع إلى إيقاف عملياتها فحسب، بل أيضا أوقفت التمويل للحكومة اليمنية للحرب وهذه هي أحد أسباب عودة الحكومة اليمنية إلى الدوحة وإلى طرابلس وإلى المعسكر العربي الذي تضررت علاقاتها".
ويقول: السعودية خاضت تجربة وخرجت منها بعدة فرضيات أبرزها أن الحكومة اليمنية نصبت فخا لها من خلال هذه الحرب وهذا الكلام يتداوله الإعلاميون والسياسيون السعوديون".
.......
*تصريح لموقع "إيلاف".

ليست هناك تعليقات: